محبة الله وثمارها
2 مشترك
:: البوابة الدينية :: القرآن
صفحة 1 من اصل 1
محبة الله وثمارها
محبة الله وثمارها
""""""""""""
محبة الله وثمارها
من الحقائق الثابتة والمعروفة عن الإنسان أنه -إن تجاوزنا هيكله الجسدي- كيان ذو حقيقتين: أولاهما الإدراك ومحله الدماغ، الثانية الوجدان ومكانه القلب. ونعني بالإدراك الوظائف التي ينهض بها العقل، ونعني بالوجدان العواطف الدافعة والرادعة والممجدة، وهي عاطفة الحب والكراهية والتعظيم والانبهار.
والإنسان إنما يتعامل مع الحياة وشؤونها بهاتين الملكتين؛ أولاهما، ترسم وتخطط، والأخرى تحرك وتدفع إلى التنفيذ. وبعبارة أجلى وأوضح نقول: أما ملكة العقل والوعي فإنما تؤدي عملها بشكل آلي ووظيفة محدودة لا تزيد على كشف الحقائق الخفية وإزاحة الحجب عن القضايا الغامضة. ثم إنها لا تملك بعد ذلك أي سلطان على السلوك، إنها أشبه ما تكون بالمصابيح المثبتة في مقدمة السيارة تبصّر صاحبها بطبيعة الطريق الذي يُسلَكُ إليه، ثم لا تزيد على ذلك. وأما ملكة الوجدان فهي قوة دافعة بل وقودٌ محرك، إنها أشبه ما تكون بالوقود والمحرك داخل السيارة. إذن، فالحياة السلوكية للإنسان تنهض على هاتين الملكتين: إحداهما، تبصّر وتكشف، والأخرى تقود وتدفع.
ثم إن ملكة الوجدان (أي العواطف) في حياة الإنسان يتجاذبها عاملان اثنان: أحدهما: الرعونات النفسية المتمثلة في الأهواء والشهوات وحب الذات ومشاعر الاستكبار، ثانيهما: القرارات العقلية التي يكشف عنها العقل ويضعها أمام صاحبه مجلوّة بعد جهالة أو غموض. والغلبة إنما تكون في أكثر الأحيان للرعونات النفسية، فهي التي تسبق العقل إلى ملكة الوجدان لكي تجندها لحسابها.
ومن هنا، ولهذا السبب، نجد كثيرا من الناس يستجيبون في تصرفاتهم السلوكية لهاجس الغرائز النفسية معرضين عما تمليه عليهم قراراتهم العقلية، إذ تفوز غرائزهم وجموحاتهم النفسية بالسبق إلى مكمن العواطف في كيان صاحبها فيصبح القرار لها لا للعقل وأحكامه.
وقد أدركت المجتمعات الإنسانية منذ أقدم العصور المشكلة التي تنبثق من هذه الظاهرة، فسعت إلى حلّها عن طريق اللجوء إلى ما يسمى بـ"التربية" وأخذ الأجيال بها، وهي تعني العمل على إخضاع غرائز النفس لما تمليه قرارات العقل، ولكن المشكلة بقيت في جملتها قائمة، لأن معظم الوسائل التربوية كانت -ولا تزال- وسائل عقلانية تخاطب الوعي والفكر، والمشكلة لا تكمن في عجز العقل عن الإدراك، وإنما تكمن في هيمنة الغرائز النفسية على العواطف والوجدان. وإنما يكمن الحل في هذا الذي سنقوله هنا.
العقل والوجدان وأثرهما في سلوك الإنسان
الآن.. وقد عرفنا أن الإنسان كيان ذو حقيقتين: العقل الذي يكون به الإدراك، والوجدان الذي هو مصدر الحب والكراهية والتعظيم. فلنعلم إذن، أن هاتين الحقيقتين هما الجناحان اللذان لا يرقى الإنسان إلا بهما إلى مرضاة الله جل جلاله. أي فلا يتحقق بلوغ مرضاة الله تعالى بالعقل وحده ولا بالحب وحده، وإنما يتحقق ذلك باجتماع كل منهما على النهج الذي رسمه بيان الله في محكم تنـزيله. كثيرون هم الذين عرفوا الله بعقولهم واستدلوا على وجوده ووحدانيته بعلومهم، ولكن عواطفهم القلبية بقيت مستلبة لصالح الرعونات والغرائز النفسية، فلم تفدهم عقولهم وعلومهم شيئا ولم يتقربوا إلى الله بذلك كله شروى نقير. وكثيرون هم الذين توجهت عواطفهم بالحب إلى الله جل جلاله، ولكن عقولهم ظلت بحاجة إلى معرفة حقائق الدين وأحكامه وضوابط السلوك في حياة المؤمنين، فلم تفدهم عواطفهم الإسلامية شيئا بل تحولت في حياتهم السلوكية إلى عواصف وسلوكات خاطئة شاردة عن ضوابط الدين وأحكامه. ولنعلم أن الوظيفة التي حمّل الله عباده مسؤولية النهوض بها تتلخص في أن على الإنسان أن يجعل عواطفه من حب وكراهة وخوف وتعظيم تابعة لقرارات العقل وأحكامه، بأن يحب ما يدعو إليه العقل وأن يكره ما يحذّر منه العقل.
وليس في العقلاء من لا يدّله عقله على وجود الله وعلى أنه متصف بكل صفات الكمال، منـزه عن كل صفات النقصان، ومن ثم فإنه ليس في العقلاء من لا يبصّره عقله بهويته عبدا مملوكاً لله، ولكن عواطف الإنسان تكون في الغالب مجندة لرغائب النفس ورعوناتها وأهوائها. ومن ثم فإن ذلك يحول دون الاعتراف بقرارات العقل وأحكامه. إذن، فمشكلة توجه الإنسان بفكره وسلوكه إلى الله لا تكمن في العقل ووعيه، بل إن مشكلته محلولة، لأن إدراك العقل للحقائق عملية آلية لا اختيار له فيها. إن العقل لا يملك أن يختار عدم الإدراك للقضايا الموضوعة أمامه ما دامت موضوعة تحت بصيرته وإن كان صاحب العقل يملك أن يتجاهل القرار الذي وصل إليه عقله.
فأين تكمن إذن مشكلة توجه الإنسان إلى الله؟
إنها تكمن في أن العاطفة التي هي الوقود المحرك لأنشطة الإنسان، تكون في الغالب مستلبة لصالح الرعونات والأهواء النفسية. ما فائدة أن يؤمن العقل بالله إذا كانت محبة القلب لرغائب الشهوات النفسية وملذاتها الحيوانية؟ وقد علمنا قبل قليل أن العقل ليس أكثر من مصباح كاشف، أما الدفع والتحريك فلعواطف الحب والخوف والتعظيم.
عوامل الحب ثلاثة
والسؤال المترتب على هذا هو: فكيف السبيل إلى أن تتحرر العواطف الإنسانية من أسر الرعونات والأهواء النفسية وأن تتحول فتصبح مجندة لمحبة الله والخوف منه والتعظيم له؟ أي كيف السبيل إلى أن نكون ممن قال الله عنهم: ?فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ?(المائدة:54).
ونلاحظ أنه جل جلاله لم يقل: "فسوف يأتي الله بقوم لا يرتابون في وجوده ووحدانيته"، لأن المشكلة لا تكمن في الارتياب أو عدم الارتياب العقلي، وإنما تكمن في الحب إذ يكون متجها إلى الله أو إلى غير الله جل جلاله.
والجواب يحتاج إلى تفصيل طويل الذيل، ولكنه يتلخص فيما يلي:
عوامل الحب في حياة الإنسان ثلاثة لا مزيد عليها: إحسان يأسر القلب، أو جمال يأخذ بمجامع النفس، أو عظمة تبهر الوجدان. وهذه العوامل الثلاثة موجودة في ذات الله جل جلاله، غير أن الغفلة التي تحيق بالإنسان تجعله يتيه عن ذلك.
ونحن هنا إنما نتحدث عمن آمن بالله جل جلاله إيمانا حقيقيا بمقتضى الدلائل العقلية والعلمية؛ من هو المحسن الذي تفد إلى الإنسان في كل لحظة منائحه وإنعامه؟ لا يرتاب ذو عقل آمن بألوهية الله بأن المحسن الأوحد إلى الإنسان في الكون إنما هو الله؛ هو الذي ينيمك إذا تمددت على سريرك في انتظار نعمة الرقاد، وهو الذي يوقظك إذا أخذت حظك الكافي من هذه الإجازة الربانية، وهو الذي ينقيك من شوائب السموم ويطهرك من أوضارها إذا دخلت الحمام، وهو الذي أنجدك بالماء الذي تحققت فيه عوامل التطهير، وهو الذي إذا جلست إلى مائدة الطعام أنعم عليك بكل ما لذ وطاب فوقها، إن جميع ذلك ليس إلا حصيلة سماء أمطرت وأرض أنبتت وأنعام سخر الله لك لحومها والألبان التي في ضروعها، وهو الذي يمدك بالعافية ومقومتها لحظة فلحظة. فإذا تذكرت هذه النعم وأضعافها التي تفد إليك وربطتها بالمنعم المتفضل جل جلاله، تفجرت في قلبك من هذه المشاعر محبة عارمة لهذا الذي يتوالى إليك إكرامه ولا تنقطع عنك مننه.
ثم من هو الجميل الذي لم تتفرع صور الجمال كلها إلا من جماله؟ لا يرتاب أيضا ذو عقل سبق أن آمن بألوهية الله في أن مصدر الجمال كله بشتى صوره وأنواعه إنما هو الله جل جلاله. فمن كان من شأنه أن تأسر صور الجمال المتنوعة لبه وأن تأخذ بمجامع نفسه، وكان ممن عرف الله وآمن به، لابد أن تهيمن عليه محبة خالق الجمال في الكون ومبدع الرائحة في العطر، ومفجر العبق في الزهر ومنسق الألوان في الورد. وهل هو إلا الله جل جلاله؟ هل من خالق غير الله؟ أما الذين تأسرهم مظاهر العظمة والهيبة والكبرياء، فلن يجدوا بعد الله عظيما لا تخرج الأكوان كلها عن قبضته ولا يفتر ملكوته عن التسبيح بحمده والدينونة لسلطانه، هو المسيّر لنواميس العالم كلها، أعطى كل شيء صورته التي أفرغه فيها، ثم أقامه على الوظيفة التي هداه إليها.
إذن فعوامل الحب الثلاثة لابد أن تسوق إلى محبة الله. لا يستثنى من هذا القرار إلا من لم يهتد إلى معرفة الله بعد.
لكم كل تقديري واحترامي
""""""""""""
محبة الله وثمارها
من الحقائق الثابتة والمعروفة عن الإنسان أنه -إن تجاوزنا هيكله الجسدي- كيان ذو حقيقتين: أولاهما الإدراك ومحله الدماغ، الثانية الوجدان ومكانه القلب. ونعني بالإدراك الوظائف التي ينهض بها العقل، ونعني بالوجدان العواطف الدافعة والرادعة والممجدة، وهي عاطفة الحب والكراهية والتعظيم والانبهار.
والإنسان إنما يتعامل مع الحياة وشؤونها بهاتين الملكتين؛ أولاهما، ترسم وتخطط، والأخرى تحرك وتدفع إلى التنفيذ. وبعبارة أجلى وأوضح نقول: أما ملكة العقل والوعي فإنما تؤدي عملها بشكل آلي ووظيفة محدودة لا تزيد على كشف الحقائق الخفية وإزاحة الحجب عن القضايا الغامضة. ثم إنها لا تملك بعد ذلك أي سلطان على السلوك، إنها أشبه ما تكون بالمصابيح المثبتة في مقدمة السيارة تبصّر صاحبها بطبيعة الطريق الذي يُسلَكُ إليه، ثم لا تزيد على ذلك. وأما ملكة الوجدان فهي قوة دافعة بل وقودٌ محرك، إنها أشبه ما تكون بالوقود والمحرك داخل السيارة. إذن، فالحياة السلوكية للإنسان تنهض على هاتين الملكتين: إحداهما، تبصّر وتكشف، والأخرى تقود وتدفع.
ثم إن ملكة الوجدان (أي العواطف) في حياة الإنسان يتجاذبها عاملان اثنان: أحدهما: الرعونات النفسية المتمثلة في الأهواء والشهوات وحب الذات ومشاعر الاستكبار، ثانيهما: القرارات العقلية التي يكشف عنها العقل ويضعها أمام صاحبه مجلوّة بعد جهالة أو غموض. والغلبة إنما تكون في أكثر الأحيان للرعونات النفسية، فهي التي تسبق العقل إلى ملكة الوجدان لكي تجندها لحسابها.
ومن هنا، ولهذا السبب، نجد كثيرا من الناس يستجيبون في تصرفاتهم السلوكية لهاجس الغرائز النفسية معرضين عما تمليه عليهم قراراتهم العقلية، إذ تفوز غرائزهم وجموحاتهم النفسية بالسبق إلى مكمن العواطف في كيان صاحبها فيصبح القرار لها لا للعقل وأحكامه.
وقد أدركت المجتمعات الإنسانية منذ أقدم العصور المشكلة التي تنبثق من هذه الظاهرة، فسعت إلى حلّها عن طريق اللجوء إلى ما يسمى بـ"التربية" وأخذ الأجيال بها، وهي تعني العمل على إخضاع غرائز النفس لما تمليه قرارات العقل، ولكن المشكلة بقيت في جملتها قائمة، لأن معظم الوسائل التربوية كانت -ولا تزال- وسائل عقلانية تخاطب الوعي والفكر، والمشكلة لا تكمن في عجز العقل عن الإدراك، وإنما تكمن في هيمنة الغرائز النفسية على العواطف والوجدان. وإنما يكمن الحل في هذا الذي سنقوله هنا.
العقل والوجدان وأثرهما في سلوك الإنسان
الآن.. وقد عرفنا أن الإنسان كيان ذو حقيقتين: العقل الذي يكون به الإدراك، والوجدان الذي هو مصدر الحب والكراهية والتعظيم. فلنعلم إذن، أن هاتين الحقيقتين هما الجناحان اللذان لا يرقى الإنسان إلا بهما إلى مرضاة الله جل جلاله. أي فلا يتحقق بلوغ مرضاة الله تعالى بالعقل وحده ولا بالحب وحده، وإنما يتحقق ذلك باجتماع كل منهما على النهج الذي رسمه بيان الله في محكم تنـزيله. كثيرون هم الذين عرفوا الله بعقولهم واستدلوا على وجوده ووحدانيته بعلومهم، ولكن عواطفهم القلبية بقيت مستلبة لصالح الرعونات والغرائز النفسية، فلم تفدهم عقولهم وعلومهم شيئا ولم يتقربوا إلى الله بذلك كله شروى نقير. وكثيرون هم الذين توجهت عواطفهم بالحب إلى الله جل جلاله، ولكن عقولهم ظلت بحاجة إلى معرفة حقائق الدين وأحكامه وضوابط السلوك في حياة المؤمنين، فلم تفدهم عواطفهم الإسلامية شيئا بل تحولت في حياتهم السلوكية إلى عواصف وسلوكات خاطئة شاردة عن ضوابط الدين وأحكامه. ولنعلم أن الوظيفة التي حمّل الله عباده مسؤولية النهوض بها تتلخص في أن على الإنسان أن يجعل عواطفه من حب وكراهة وخوف وتعظيم تابعة لقرارات العقل وأحكامه، بأن يحب ما يدعو إليه العقل وأن يكره ما يحذّر منه العقل.
وليس في العقلاء من لا يدّله عقله على وجود الله وعلى أنه متصف بكل صفات الكمال، منـزه عن كل صفات النقصان، ومن ثم فإنه ليس في العقلاء من لا يبصّره عقله بهويته عبدا مملوكاً لله، ولكن عواطف الإنسان تكون في الغالب مجندة لرغائب النفس ورعوناتها وأهوائها. ومن ثم فإن ذلك يحول دون الاعتراف بقرارات العقل وأحكامه. إذن، فمشكلة توجه الإنسان بفكره وسلوكه إلى الله لا تكمن في العقل ووعيه، بل إن مشكلته محلولة، لأن إدراك العقل للحقائق عملية آلية لا اختيار له فيها. إن العقل لا يملك أن يختار عدم الإدراك للقضايا الموضوعة أمامه ما دامت موضوعة تحت بصيرته وإن كان صاحب العقل يملك أن يتجاهل القرار الذي وصل إليه عقله.
فأين تكمن إذن مشكلة توجه الإنسان إلى الله؟
إنها تكمن في أن العاطفة التي هي الوقود المحرك لأنشطة الإنسان، تكون في الغالب مستلبة لصالح الرعونات والأهواء النفسية. ما فائدة أن يؤمن العقل بالله إذا كانت محبة القلب لرغائب الشهوات النفسية وملذاتها الحيوانية؟ وقد علمنا قبل قليل أن العقل ليس أكثر من مصباح كاشف، أما الدفع والتحريك فلعواطف الحب والخوف والتعظيم.
عوامل الحب ثلاثة
والسؤال المترتب على هذا هو: فكيف السبيل إلى أن تتحرر العواطف الإنسانية من أسر الرعونات والأهواء النفسية وأن تتحول فتصبح مجندة لمحبة الله والخوف منه والتعظيم له؟ أي كيف السبيل إلى أن نكون ممن قال الله عنهم: ?فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ?(المائدة:54).
ونلاحظ أنه جل جلاله لم يقل: "فسوف يأتي الله بقوم لا يرتابون في وجوده ووحدانيته"، لأن المشكلة لا تكمن في الارتياب أو عدم الارتياب العقلي، وإنما تكمن في الحب إذ يكون متجها إلى الله أو إلى غير الله جل جلاله.
والجواب يحتاج إلى تفصيل طويل الذيل، ولكنه يتلخص فيما يلي:
عوامل الحب في حياة الإنسان ثلاثة لا مزيد عليها: إحسان يأسر القلب، أو جمال يأخذ بمجامع النفس، أو عظمة تبهر الوجدان. وهذه العوامل الثلاثة موجودة في ذات الله جل جلاله، غير أن الغفلة التي تحيق بالإنسان تجعله يتيه عن ذلك.
ونحن هنا إنما نتحدث عمن آمن بالله جل جلاله إيمانا حقيقيا بمقتضى الدلائل العقلية والعلمية؛ من هو المحسن الذي تفد إلى الإنسان في كل لحظة منائحه وإنعامه؟ لا يرتاب ذو عقل آمن بألوهية الله بأن المحسن الأوحد إلى الإنسان في الكون إنما هو الله؛ هو الذي ينيمك إذا تمددت على سريرك في انتظار نعمة الرقاد، وهو الذي يوقظك إذا أخذت حظك الكافي من هذه الإجازة الربانية، وهو الذي ينقيك من شوائب السموم ويطهرك من أوضارها إذا دخلت الحمام، وهو الذي أنجدك بالماء الذي تحققت فيه عوامل التطهير، وهو الذي إذا جلست إلى مائدة الطعام أنعم عليك بكل ما لذ وطاب فوقها، إن جميع ذلك ليس إلا حصيلة سماء أمطرت وأرض أنبتت وأنعام سخر الله لك لحومها والألبان التي في ضروعها، وهو الذي يمدك بالعافية ومقومتها لحظة فلحظة. فإذا تذكرت هذه النعم وأضعافها التي تفد إليك وربطتها بالمنعم المتفضل جل جلاله، تفجرت في قلبك من هذه المشاعر محبة عارمة لهذا الذي يتوالى إليك إكرامه ولا تنقطع عنك مننه.
ثم من هو الجميل الذي لم تتفرع صور الجمال كلها إلا من جماله؟ لا يرتاب أيضا ذو عقل سبق أن آمن بألوهية الله في أن مصدر الجمال كله بشتى صوره وأنواعه إنما هو الله جل جلاله. فمن كان من شأنه أن تأسر صور الجمال المتنوعة لبه وأن تأخذ بمجامع نفسه، وكان ممن عرف الله وآمن به، لابد أن تهيمن عليه محبة خالق الجمال في الكون ومبدع الرائحة في العطر، ومفجر العبق في الزهر ومنسق الألوان في الورد. وهل هو إلا الله جل جلاله؟ هل من خالق غير الله؟ أما الذين تأسرهم مظاهر العظمة والهيبة والكبرياء، فلن يجدوا بعد الله عظيما لا تخرج الأكوان كلها عن قبضته ولا يفتر ملكوته عن التسبيح بحمده والدينونة لسلطانه، هو المسيّر لنواميس العالم كلها، أعطى كل شيء صورته التي أفرغه فيها، ثم أقامه على الوظيفة التي هداه إليها.
إذن فعوامل الحب الثلاثة لابد أن تسوق إلى محبة الله. لا يستثنى من هذا القرار إلا من لم يهتد إلى معرفة الله بعد.
لكم كل تقديري واحترامي
ocean Heart- new dragon
- عدد المساهمات : 3
تاريخ التسجيل : 23/07/2009
مواضيع مماثلة
» نكت إن شاء الله تعجبكم
» بكاء الفاروق عمر رضى الله عنه
» زينب رضى الله عنها
» خالد بن الوليد - رضي الله عنه
» لماذا احبك يا حبيبي يا رسول الله
» بكاء الفاروق عمر رضى الله عنه
» زينب رضى الله عنها
» خالد بن الوليد - رضي الله عنه
» لماذا احبك يا حبيبي يا رسول الله
:: البوابة الدينية :: القرآن
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى